الأربعاء، 5 أكتوبر 2011

العبقرية والابداع والقيادة


عندما ألف الأمير محمد بن راشد بن مكتوم كتابه (رؤيتي) ذكر جملة في غاية الأهمية عندما قال بما معناه -لاعتمادي على الذاكرة-أن أزمة المنطقة العربية هي أزمة إدارة ناجحة وقيادة ناضجة وتخطيط سليم.

أخواني إن أحد سبب تخلفنا الحضاري الذي نعيشه في المنطقة العربية هو ندرة القيادات الجيدة وندرة أصحاب الفكر الإداري إن الإدارة لا يتقنها الكل بل هي فن وعلم أهملها كثير من الناس فنصبوا أنفسهم كقيادات وأتوا بالعجائب.

إن اليابان وألمانيا عندما نهضوا بعد الحرب العالمية الثانية وكانت بلادهم قاعا صفصفا أول ماهتموا كان بتأهيل القيادات بفكر إداري متطور لأنه لا يمكن أن تقود بلدك بصناعاتك الفنية والمهنية واختراعاتك ومؤسساتك إلا بإدارة ناجحة لذلك تجد أن كثير من المؤسسات في المنطقة العربية لديها مشاريع ذات أفكار ناجحة تتعثر لأنهم لم يجدوا من يقود هذه المشاريع الناجحة نحو النجاح والتطبيق.

فلا عجب أن تجد مهندسا أو طبيبا أو ينصًب مديرا لإدارة من قبل مرجعه وهو لم يثقف في كيفية الإدارة أو ثقافة المدير فمن يتقن فن الطب والهندسة قد يكون جاهلا في بديهيات الإدارة وللأسف فإن مؤسساتنا الحكومية لم تأبه لمثل هذه الثقافة والتي تعدها من الترف العلمي فيكفي أن يكون المدير صاحب منصب علمي مرموق ليقود سفينة مؤسسة حكومية فيقع في تناقضات وتخبطات ما الله بها عليم .

ولكن ما لفرق بين الإداري والقيادي فالبعض يخلط بينهما ويظنها واحدا ، الإداري هو من يصنع القرارات ويحل المشكلات ويراقب أنشطة الإدارة وأعمالها أما القائد فهو الذي يقود السفينة نحو الهدف أي الملهم الذي يضع الرؤية للمؤسسة ويضع الشخص المناسب في المكان المناسب فليس كل مدير قائد وكذلك ليس كل قائد مدير فالإدارة فن مكتسب ومتعلم أما القيادة ففي كثير منها فطرة وجبلة إنسانية تولد معه إلا أن البيئة قد تؤصل هذه الجبلة أو تؤخرها .

يقول دين كيث سايمنتن في كتابه عن القيادة أن 82% من القادة في العالم عاصروا قادة أو اتصلوا بهم شخصيا .
فأزمتنا إذا أزمة قدوات من ترى حولك قائدا يلهمك من الصعب أن تجد لذا تجد العالم الإسلامي يعيش في الماضي غالبا ويمجده لأنه يرى فيه قيادة لم تتكرر حتى الآن .

لذا لا يتخرج احدكم من جامعته أو يتوظف في وظيفته إلا ويبني نفسه في القيادة والإدارة إما بدورات أو قراءة فمهما كنت متفوق في تخصص ما فتحتاج حتما أن تدير هذا التخصص وتقود منشأته إلى الهدف المنشود فهنا وهنا فقط ستظهر العبقرية فينا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق