الأحد، 30 أكتوبر 2011

أيامي في كنـــدا 2/4

المشهد الثاني

شقت العبارة بحيزومها عباب البحر متجهة نحو جزيرة Gabroila المطلة على المحيط الهادئ غرب كندا هذه الجزيرة يقطنها خمسة آلاف شخص فقط أكاد أجزم أنهم يعرفون بعضهم البعض بها طرقات ومحلات كانت قرية متمدنة آمنة ساحرة على شكل جزيرة بها منتجع اسمه منتجع Haven وهو الذي سأسكن فيه نزلت من العبارة فرأيت أمامي ثلاثةأمور غابة ومواقف سيارات وكابينة هاتف وقد ألصق على الكابينة اعلان لشركة أجرة .

اتصلت عليهم من أجل سائق يوصلني للمنتجع فذكروا لي أنه سيصل بعد عشر دقائق انتظرت قليلا مرت العشر دقائق عاودت الاتصال وذكرت للموظفة أن التاكسي لم يصل وأثناء المكالمة ظهرت لي سيارة التاكسي شكرت الموظفة وركبت التاكسي لاحظت أن السائق كان قلقا أنني عاودت الاتصال مرة أخرى بالشركة فسألني هل ذكرت لهم أنني وصلت قلت له نعم كان من الواضح أن الشركة ملتزمة جدا بمواعيدها مع الزبائن وأن السائق الذي لا يصل بالموعد المحدد قد يواجه متاعب لاحظت نفسي كزبون أني عزيز ومكرم داخل سيارة الأجرة .
وصلت إلى المنتجع كان الطريق أشبه ما يكون بالأفلام الرومانسية أغصان الاشجار الخضراء الملتفة حول بعضها البعض على جانبي الطريق تسمع زقزقة العصافير والشارع قد مردت جوانبه بتراب بني اللون وتساقط في وسطه أوراق الشجر اليابس كان منظرا ملهما ، وصلت إلى المنتجع وكانت الساعة تشير إلى السابعة كان المنتجع عبارة عن مجموعة من الأكواخ وكأنني أعيش في العصور القديمة تتقاطع فيما بينها بأرصفة جميلة الشكل أمام البحر الذي امتلأ شاطئه بصخور اندعكت جوانبها على مر الزمن فغدت بأشكال بيضاوية جميلة المنظر وقد تراصت وتناثرت فيما بينها حتى يخيل للناظر ان هناك من وضعها بقصد فسبحان الخالق ، دخلت للاستقبال وكان كوخا رصت جوانبه بأغصان الشجر وأعواد الخيزران،

كنت ببدلتي وبيدي حقيبتي أشاهد ما حولي طربا مستمتعا بالمناظر الطبيعية ، ( أهلا بك ) عبارة أطلقتها فتاة كانت تقف في الاستقبال كانت فتاة كندية عرفت فيما بعد أنها من السكان الأصليين الذي استوطنوا البلاد قبل الغزو الأوروبي لها أي أنها من الهنود الحمر ويطلق عليهم (Native) لاحظت شيئا عجيبا بها كان لها شعر طويل جدا يصل إلى الأرض حتى يخيل إلي أنها لو جلست لسحبت بشعرها تراب الأرض كانت تحتاج إلى كرسي مرتفع قليلا لتجلس عليه لم أستطع أن أخفي فضولي فسألتها عن شعرها فابتسمت وقالت إن ديننا يمنعنا من قص شعرنا منذ ولادتنا علمت منها أنه أحد أديان الهنود الحمر تساءلت في نفسي هل وصل الاسلام لهذه الديار إن أقرب نقطة مسلمة لهم كانت غرناطة سقطت عام 1492م وهو نفس العام الذي اكتشف فيه كولومبوس أمريكا،

أكملت إجراءات الإقامة في المنتجع الذي كان به برنامج تدريبي أحضره قالت لي وهي تكتب معلوماتي إنها المرة الأولى التي يأتينا شخص من الشرق الأوسط قلت لها مبتسما إذا عليكم أن تحتفلوا تعرفت على كلمة تاب (Tab ) حيث قالت لي كم تريد أن تضع في التاب قلت وما التاب قالت -أنه رصيدك تدفعه مقدما بحيث إذا أردت تسحب منه وأنت في البار فقط تعطي اسمك – ورغم أني لست من رواد البار لكني وافقت لأني وجدت أنهم يبيعون المشروبات الغازية والماء وربما أستخدمها كان كوخ الاستقبال مكون من منصة الاستقبال وصالة وبار ومطعم يطل جزء منه على البحر ومكتبة وصالة كبيرة ومطبخ وبهو استراحة إلا أنك تشعر أن داخل كوخ بسبب بنيانه الداخلي الذي يكسوه اللون البني ولون الاشجار للاسف لم أصور في هذه الرحلة بسبب سرقة كاميرتي الرقمية قبل الرحلة بأيام فقط عندما كنت في تايلند مع زوجتي لذا اكتفيت ببعض الصور من موقع المنتجع.

هنا حانت ساعة الغداء وتوجهت نحو المطعم كان الجميع يجلس مع أصدقائه وزملاءه كان هدفي أن من خلال أيامي القليلة أن أحتك بأهل البلد رغبة مني في تعلم ثقافتهم وطريقة تفكيرهم وأن أفهم عيشهم وقيمهم محاولا التغلب على انطوائيتي التي نشأت بها منذ الصغر عندما اقتربت من بوفيه الغداء فاجأتني رئيسة الطباخين التي عرفتني فورا وقالت لي أنت مسلم قلت لها نعم قالت دعني أريك الاطباق التي تحتوي على كحول ولحم خنزير لكي تتجنبها حسب طلبك (وكنت قد ارسلت لهم ذلك أثناء الحجز) ثم أشارت إلى طبق قائلة هذا الطعام بمرق الخمر ولكن دون كحول هنا حاولت أن أفهم منها كيف يكون خمرا دون كحول حيث إنها المرة ألأولى التي أسمع بهكذا عبارة ولا أدري من الناحية الشرعية كيف تكون ولكن تجنبتها احتياطا لديني.

شكرت رئيسة الطباخين على سلوكها وتناولت وجبة غدائي احتجت إلى مشروب غازي (بيبسي) تركت طبقي و توجهت إلى بار المطعم وجلست على المقعد الملاصق لمنصة البار وتخيلت نفسي أحد أفراد أحد الافلام الأمريكية طلبت من فتاة البار (بيبسي) قالت لي مبتسمة (الابتسامة دائما على وجوههم عندما يتكلمون) انت من الصغار اللذين يتعلمون هنا قلت وأي صغار عرفت فيما بعد أن هناك برامج للصغار والمراهقين وهناك برامج للكبار وبما أن سني صغير بالنسبة لها ظنتني من الصغار فقلت أنا من الكبار إذن ثم سألتني كيف عرفت بأمر المنتجع وانا من السعودية، كنت أفكر هل أكمل حواري معها لأن فكري مشغول بطبق الغداء الذي على الطاولة أنهيت وجبة غدائي واستعديت لأول برنامج تدريبي في المنتجع والذي لم أكن أعلم أني سأواجه أول برنامج تدريبي يعج بالبكاء والعويل كما سأعرف لاحقا.كيف هو وما هي الاحداث في الحلقة القادمة إن شاء الله.

بقلم اسامة الجامع

هناك تعليق واحد:

  1. لقد حملتنا معك الى اجواء سحرية يا اخي العزيز
    وكنت اتمنى ان تطعم هذه المقالات المشوقة ببعض الصور حتى ان لم تكن بكاميرتك...شكرا جزيلا لك

    ردحذف