الأحد، 30 أكتوبر 2011

أيامي في بريطانيا 2/3

المشهد الثاني

عطفا على ما سبق في صباح اليوم التالي وبعد محاولات لمعرفة اتجاه القبلة ودراسة موقع بريطانيا ووقوع السعودية في الشرق الجنوبي اجتهدت في الصلاة وخاصة أنه لا يوجد مسلم غيري أو هكذا اعتقدت ولا يوجد عربي غيري كذلك توجهت نحو القاعة الرئيسية وفوجئت بوجود ستين شخصا أربعة وخمسون امرأة وستة رجال فقط(واأسفاه على الرجال) وبوجود خمسين لغة من مختلف دول العالم إفريقيا أوروبا آسيا أمريكا الشمالية أمريكا الجنوبية وكنت العربي الوحيد .
لاحظت جلب البعض لمترجمين وقد وضع أحدهم سماعات الأذن موصولة بميكرفون للمترجم للترجمة بدا كل شخص بالتعريف عن نفسه وعندما وصل الدور لدي وقلت اسمي وأنني من السعودية اتجهت الأنظار إلي عرفت أن هناك صورة نمطية عن السعوديين هنا أدركت أن علي تغييرها ، قررت التعرف على الجميع و ترك الانطوائية المعهودة لدي منذ الصغر (كنت أهرب بمجرد خروج جاري من منزله مخافة أن يراني واضطر إلى السلام عليه ومقابلته) ، أثناء الاستراحة والناس منهمكين بالتعرف على بعضهم البعض أخذت كوبا من الماء واقتربت من سيدة سويسرية عجوز(الكلمة الأخيرة مهمة) وقدمت لها الماء سعدت بذلك جدا وشكرتني وقلت لها في ثقافتنا نحن نهتم ونعتني ونحترم من هم أكبر منا سنا (خفت أن أقول أننا نهتم بالعجزة فتغضب) فرحت السيدة بهذا التعليق وذكرت أنها لم تعتد أن يعاملها أحد بهذه الطريقة أدركت أني خطوت الخطوة الأولى نحو تصحيح النظرة وكانت اللحظة الحاسمة أن عرفتها بنفسي أني من السعودية .

بعد برهة اقترب مني رجل سويسري كذلك وصافحني مهتما وقال: لقد أثرت اهتمامي بأنك من السعودية التي تعد أكثر بلدان العالم انغلاقا في العالم فهل من الممكن أن تستمع لطرحي ؟ قلت تفضل ، قال : أنا أدعو بتوحيد الأديان وأن نكون كلنا أصحاب دين واحد فهل تنضم معي!! ، فاجئني هذا الرجل بهذا الطرح فالغربيون مبدعون بالعلوم العلمية والتجريبية إلا أن طرحهم الروحاني ساذج ففكرت ماذا أرد عليه فالموقف لا يسمح بالمناقشة شكرته وذكرت أني سأفكر بالموضوع فرح كثيرا وكأني سأعتنق دينه الكوكتيلي الجديد وأكمل كلامه قائلا: أشد الناس عداء لما قلت كان اليهود عندما طرحته لهم فقلت في نفسي معهم حق وانصرف صرفته بالعربي.

بعد انتهاء البرنامج حان موعد الغداء وذهبنا لقاعة الطعام بعد أخذ طبقي جلست على المائدة كانت المائدة كبيرة جدا تتسع لعشرة أشخاص فجلس معي عدد حتى اكتملت المقاعد كانوا يسألونني عن بلدي بكثرة وحسب خبرتي تتكرر الأسئلة دائما عن السعودية في مواضيع الشريعة والنساء والإسلام فعلى المرء أن يكون جاهزا لمثل هذه الأسئلة المكررة ومن الأسئلة الطريفة سألتني امرأة من رومانيا : كم عدد المسيحيين السعوديين لديكم؟ الذي أعجبني في جلسة الغداء معهم أنهم يستمعون بإنصات ويحترمون الكلام الذي أقوله حتى لو كان مخالفا لما يعتقدونه المهم أن لا تهاجم عقيدتهم .
سألتني إحدى السيدات من أين أنت وكانت تجلس على نفس المائدة فقلت من السعودية وقلت لها وأنا أتناول لقمتي بالملعقة (انتبه أن تتناول الأكل بيدك في البلدان الأوروبية) وأنت من أين : فقالت أنا من اسرائيل ، توقفت اللقمة في حلقي أو أنا توقفت عن أكلها واختلطت مشاعري واصبت بمغص وبدأت مجموعة من السيناريوهات تدور في ذهني هل اشتمها واقوم أم لا، فضلت عدم توتير الجو والتصرف بهدوء وخاصة أني في بلد لا يسمح بمثل هذه التصرفات فتجاهلتها .

وبعد انتهاء الطعام اقتربت مني سيدة هندية وقالت لي أنا مسلمة ماليزية وأنا فرحة بوجودك وقد رأيت امتقاع وجهك عندما عرفت أن تلك السيدة إسرائيلية واعرف تماما ما تشعر به وقد أحسنت صنعا بأنك لم تفعل شيئا فالجو هنا لا يسمح بأي تصرف غير مدروس ، وأردفت هذه المرأة المسلمة الماليزية من أصل هندي قائلة:لدي أبناء أدخلتهم لتعلم الإسلام ولحفظ القرآن ولكن إن هناك عدد من الدعاة يأتون إلي ويقولون بما أنني لست محجبة فسوف أدخل النار فهل تعتقد أني سأدخل النار ) ، فوجئت بهذا السؤال ولمست الأسى على وجهها وأحسست أنه لولا ثقتها بي ما طرحت هذا السؤال وقلت لها الحجاب من الإسلام ولكن الله وحده هو من يقرر من يدخل النار أو الجنة وأنا متأكد أن لديك من الأعمال والفضائل الشيء الكثير والهداية من رب العالمين ، فرحت كثيرا بإجابتي وشكرتني إذ أنني لم أعطها الضوء الأخضر بعدم الحجاب ولكني كذلك أخرجتها من اليأس من رحمة الله أو هكذا اعتقدت.
في الجزء الثالث سأتكلم ما هي ردود الأفعال عندما رفعت صوت الاذان في القاعة .فإلى الملتقى


يتبع

بقلم/أسامة الجامع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق