الأحد، 30 أكتوبر 2011

أيامي في كنــدا 4/4

المشهد الرابع


رحلتي إلى كنــدا /الحلقة الأخيرة


       - تجول مع مرشد سياحي حول الجزيرة- كان ذلك هو عنوان البروشور التي أعطتنيه المدربة لقضاء وقت ممتع حال انتهاء البرنامج التدريبي الذي تكلمت عنه في ثلاث حلقات سابقة و حيث بقي لدي يوما وحدا وبعيد عن التدريب وأحداثه أحببت أن أتعرف على الجزيرة بشكل أفضل ولاحظت أنه دوّن على البروشور اسم المرشدة السياحية (كاثي) عندما اتصلت عليها رحبت بي وعرضت علي جولة سياحية بسيارتها  حول الجزيرة لنصف نهار لم أرتح كثيرا والسبب......

 حجم المبلغ المطلوب لذا قررت البحث عن شريك فوجدت الرجل الذي كان معي في الدورة وكانت لديه مشاكل مع ابنه المراهق وافق شريكي على العرض وكان من سكان كندا الأصليين ويدعون Natives وحسب الموعد التقيت بكاثي وهنا فوجئت بأمر ما ، لا يوجد هناك تناسب بين اسم (كاثي) اللطيف وبين ما رأيته إذا أنني رأيت رجلا أو رجل بزي امرأة أو امرأة مندمجة مع رجل أو لا أدري ، نسيت نفسي وانا أحدق مستغربا بكاثي حيث أنها انزعجت مني كثيرا إذ ليس من اللائق التحديق بالآخرين .


ركبت أنا ومارك شريكي سيارة كاثي وعندما عرفت بنفسها زال عجبي من هيئتها ومن سأل عن السبب زال عنه العجب حيث أنني اكتشفت أن هذه المرأة هي جندي متقاعد في القوات البحرية الكندية خاضت القتال وحملت السلاح واشتركت بحملات عسكرية ولو أرادت كسر عنقي بقبضتيها لاستطاعت ، وتخميني أنها وبعد مرور سنوات عدة ووصولها لسن الستين فقدت معالم الأنوثة حتى أني اقتنعت تماما أنها عبارة عن كائن كانت يوما ما امرأة سابقة فقلت الحمد الله على نعمة الإسلام أن جعل للمرأة مكانة وجبل الرجال على خدمتها وتذكرت حديث نبينا الكريم استوصوا بالنساء خيرا .


 أخذت هي أو هو (كاثي) بالحديث عن معالم السياحية للجزيرة (جابريولا) التي يقطنها خمسة آلاف شخص فقط وأنها كان مسكنا للسكان الأصليين وأرتنا آثارهم وحفرياتهم التي تمتد لمئات السنين والجميل في الجزيرة هو مستوى الأمان العالي حيث يترك أفرادها أبواب بيوتهم مفتوحة بل أن محلا عبارة عن مشتل للزهور مفتوح للزبائن دون وجود أحد بداخله بحيث يدخل الزبون و يختار ما يريد ويضع النقود دون رقيب أو حسيب ويرحل وعندما سألتها ألا تخشون السرقة قالت لم يحدث ذلك من قبل وأهل الجزيرة يعرفون بعضهم بعضا فتعجبت من ذلك وتفسيري أنه ربما لم يكن في المحل شيء يستحق السرقة ، انتهيت من الجولة السياحية وشكرتها وشريكي السياحي ثم اقترحت عليه أن ألعب معه (البلياردو) وكنت من محبي هذه اللعبة جدا ووافق وتوجهنا معا نحو قاعة اللعب في المنتجع الذي يحوي بركة سباحة وجاكوزي وقاعة اجتماعات وقاعة ألعاب .


كان الوقت مساء عندما لاحظت أثناء سيري بقاعة الاجتماعات مضاءة وبها هرج ومرج اقتربت فإذا القاعة تضج بالراقصين والراقصات وهم صغار السن في مرحلة المراهقة سالت الاستقبال عن الموضوع فقالت إنه الاحتفال بنهاية السنة الدراسية حيث أن أهل الجزيرة يحتفلون سنويا ويحتفل أبنائهم من الجنسين بهذه المناسبة ، عند لقائي بمارك الهندي الأمريكي وأثناء ممارستنا للعبة البلياردو سالت الرجل مستغربا أتعلم أنهم فتيات وفتيان يرقصون مع بعضهم وهم في مرحلة المراهقة قال نعم وابني معهم فقلت له: ابنك!! ألا تخشى أن تحدث أمور لا يحمد عقباها بين ابنك وبين فتاة أخرى وخاصة أنهم في مرحلة المراهقة فضحك وهو يقرع كرة بأخرى بعصاته وقال نعم نعم أعلم ذلك وابني يعلم ذلك لا تدري ما الذي يفعلون الآن! وأخذ يضحك ويضحك وكان المسالة نكتة فما وسعني غير الصمت لأن كل إجابة تعتمد على القيم التي تحملها وهذا الحوار يبين ذلك بوضوح.


 توجهت في اليوم التالي لمكتب سفريات رغبة مني في تقديم الحجز وقابلتني موظفة الحجوزات وشرحت لها موقفي ورغبتي في تقديم موعد الإقلاع رحبت بي  وقامت بعدة اتصالات وسألتني من أين أنا قلت لها من السعودية فتعجبت وقالت لا أذكر أني تعاملت مع جنسيتكم من قبل في هذا المكان ثم قالت أتسمح لي بسؤال تفضلي قالت هل تشربون الخمر قلت لا بل أني لم أذق طعم الخمر في حياتي قالت رائع جدا ممتاز يا بني أنصحك بالابتعاد عنه وكن كذلك دائما فشكرتها وقالت أن سبب سؤالها أنها كانت في رحلة دولية وشاهدت امرأة مسلمة من خلال حجابها ومنقبة كذلك تشرب الخمر بالطائرة حاولت تنبيهها أن هذا خمر ظنا منها أن المرأة المسلمة لا تدري فأشارت إليها أنها تعلم ذلك ، فتقول لي الموظفة تعجبت من مسلمة بحجابها ونقابها تشرب الخمر في الطائرة ، لاحظت في الغربيين هؤلاء أنك إذا تمسكت بدينك وافتخرت به يحترمون ذلك والعكس صحيح ....

هممت بعدها بدفع رسوم المعاملة ففاجأتني بعد إنهاء معاملتي أنها مجانية وقالت اعتبرها مني هدية بما أنك ضيف لدينا في هذه البلاد شكرتها بحرارة وودعتني عند باب الخروج سررت حقيقة أنني تركت انطباعا طيبا لديها وسررت أكثر أني صححت لها مفهوم الإسلام تجاه الخمر وأنها علمت أن من المسلمين من يلتزم بدينه ، أرجو أن تكونوا استمتعتم بالأحداث وأتمنى أن أجد من أعضاء المنتدى من له تجارب في تصحيح صورة الإسلام المشوهة في الخارج.

 تحياتي للجميع.

أيامي في كنــدا 3/4

رحلتي إلى كنـــــدا /الجزء الثالث – الصراعات النفسية-


كانت تلك الليلة الأولى التي أقضي بها بنوم هادئ بعد 17 عشر ساعة من الطيران في تلك الجزيرة الكندية النائية وكنت قد تكلمت في الجزء الثاني عن وصولي وغدائي في المطعم ووصفي للمنتجع الذي كنت فيه ، كانت ليلتي شبه متقلبة نوعا ما لعدم انسجامي مع ساعات الليل والنهار في الجزء الغربي من العالم ولها مصطلح بالإنجليزية نسيت اسمها للأسف ، في صباح اليوم التالي توجهت للاستقبال وقد أعطتني الموظفة خريطة للمنتجع تشبه خريطة الكنز بسبب رسومها بخط اليد، أثارت الموظفة تلك انتباهي للبسها قرطا لنجمة داود اليهودية عرفت فيما بعد أنها يهودية حيث إن اليهود يمثلون 1% من سكان كندا ولكنهم يحتلون أكثر من 80% من الاقتصاد والإعلام ، كان مقر البرنامج التدريبي في أحد أكواخ المنتجع وهنا دخلت إليه فماذا رأيت.


رأيت نمطا مختلفا للبرنامج التدريبي الذي اعتدت عليه كانت المجموعة عبارة عن حلقة دائرية تجلس على الأرض تذكرت بجلستهم تلك الأيام الجميلة عندما كنت في مكتبة خيرية وجلوسنا على الأرض نستمع للدرس إلا أن المفارقة هذه المرة أنني في كندا واختلاط والدرس باللغة الانجليزية ، الغرفة أشبه بفصل دراسي دون طاولات أو كراسي لوحات توضيحية وشرائط تجميلية ملونة معلقة على السقف وفي نهاية الغرفة مسرح وسبورة بيضاء لاحظت أن الغرفة جميلة جدا ونظيفة و مقسمة إلى جزأين يفصل بينهما باب كبير يسحب باليد فهمت فيما بعد أن الغرفة بها جزء نظري وآخر عملي مليء بالأدوات ، والجميع على الأرض كان عددنا خمسة وعشرون شخصا فقط ، بدا كل واحد بالتعريف عن نفسه وعندما جاء دوري وعرفت بنفسي تعلقت الأنظار بي أنظار امتزجت بالفضول والخوف والتطلع ليس لأن سحنتي مختلفة عنهم فحسب ولكني كنت المسلم العربي السعودي الوحيد هناك الجميع كانوا كنديين واثنان من أمريكا شعرت أن مهمتي هذه المرة ستكون أصعب من المرة الماضية عندما كنت في بريطانيا (تكلمت عن رحلتي لبريطانيا في مقال سابق) وذلك أن برنامجي في بريطانيا كان الجميع من مختلف دول العالم فالاختلاف سمة مشتركة أما هنا فأنا الوحيد المختلف.


بدا كل واحد يتكلم عن سبب تسجيله بالبرنامج كان البرنامج مقسم لجزأين الأول التعامل مع المراهقين والثاني هو علاج الغضب وهنا واجهتني مشكلة وهي أن الجميع كان لديهم مراهقين والجميع كانت لديهم نوبات غضب تحتاج علاج فهمت أنني ليس في برنامج تدريبي اعتيادي بل في برنامج تدريبي علاجي اكتشفت أنني الوحيد الذي لا يعاني شيئا والحمد لله ، ولكن كيف أساير ما يقولون هنا بدا كل واحد يحكي قصته وكأني في برنامج تلفزيوني اسمه آثار الغضب في الحياة الاجتماعية ولكني في مجموعة حقيقية هذه المرة بدأت بالحديث امرأة كانت تعمل مشغلة قطارات تقول هذه المرأة أنها فقدت عملها بسبب ضربها لرئيسها في العمل بأداة حادة حتى أفقدته وعيه واحتاج إلى عدة غرز لعلاجه ثم تكلم آخر وهو محامي فقد وظيفته بسبب انفعاله الشديد أمام عملاءه مما سبب من ابتعاد الزبائن عنه ثم تكلم رجل آخر وهو أمريكي أتى مع زوجته حيث أن زواجها مهدد بالخطر بسبب نوبات الغضب التي تنتابه مما يعرض حياة زوجته للخطر ثم تكلمت امرأة عن معاناتها مع أبنائها حيث باتوا يخشونها بسبب نوبات الغضب لديها حتى هرب أحد أبنائها من المنزل.

اكتشفت أنني محاط بقنابل موقوتة حولي لذا علي أن أتحلى دائما بالابتسامة إذا أردت أن أخرج كقطعة واحدة ، كان المسرح أحد الأدوات المستخدمة لإيصال رسائل مخفية يتم النقاش عنها بينهم بدأت المسرحية وكانت تتكلم عن أهمية أن يكون للإنسان شخصية محددة يعرف أين يقف وكيف يقف ومتى يتكلم ومتى يصمت ومتى يقول لا ومتى يقول نعم حيث أن الكثير من الناس لديه مشكلة في تحديد الشخصية من ضمن مقاطع المسرحية هو تعليم الفتاة متى تقول لا عند اقتراب رجل منها ، وهنا وفجأة وقفت امرأة وقالت  لقد مررت بهذا الموقف ولم أقل كلمة لا وفقدت أشرف ما أملك ثم أجهشت بالبكاء (الحمد لله على نعمة الحياء) وبدا الجميع يواسونها كانت المشاعر في تلك القاعة متصاعدة بوتيرة عالية تخيلت نفسي أعيش في مسلسل أمريكي تدور أحداثه حول الأسرار الاجتماعية في المجتمع ، في أداة أخرى من أدوات العلاج اسمها مربع الحقيقة حيث يقف المستفيد في مربع ويتكلم عن الحقائق المرة وهنا وقفت امرأة وبدأت تصرخ بأعلى صوتها وتعبر عما يجيش في داخلها وكيف أنها فقدت حضانة الأبناء بسبب إدمانها على الكحول أخذت تصرخ وتصرخ لعدة دقائق حتى خارت قواها أصابتني القشعريرة هنا وأنا أشاهد المرأة بتلك الحال تذكرت يوم أن اصطحبت أحد الأصدقاء للقراءة عليه بسبب عين أصابته والأحداث التي حدثت في غرفة الشيخ ولكن مع فارق التشبيه وكأنني أقرأ تلك المشاهد في كتاب ولكن هذه المرة كان كتابا حيا ناطقا.
هناك العديد من المشاهد في تلك الأيام التي قضيتها هناك ولكن ليس المهم أن أوردها بكل تفاصيلها ولكن المهم أنني خرجت ولدي نظرة مختلفة عن مجتمعنا المتدين المحافظ فهناك عدة أمور :
منها أن لدينا من الخير الكثير في تماسك أسرنا أكثر بكثير من المجتمع الغربي ولدينا حياء مستمد من ديننا الحنيف نفخر به ومنها أننا بحاجة لمحاضن مختصة بالاستشارات النفسية ليست موجودة لدينا للأسف ولا يكفي القاضي أو الشيخ لكي يقوم بذلك إذ لا بد من مختصين في مثل هذه الأمور .

تحياتي
اسامة الجامع 

أيامي في كنـــدا 2/4

المشهد الثاني

شقت العبارة بحيزومها عباب البحر متجهة نحو جزيرة Gabroila المطلة على المحيط الهادئ غرب كندا هذه الجزيرة يقطنها خمسة آلاف شخص فقط أكاد أجزم أنهم يعرفون بعضهم البعض بها طرقات ومحلات كانت قرية متمدنة آمنة ساحرة على شكل جزيرة بها منتجع اسمه منتجع Haven وهو الذي سأسكن فيه نزلت من العبارة فرأيت أمامي ثلاثةأمور غابة ومواقف سيارات وكابينة هاتف وقد ألصق على الكابينة اعلان لشركة أجرة .

اتصلت عليهم من أجل سائق يوصلني للمنتجع فذكروا لي أنه سيصل بعد عشر دقائق انتظرت قليلا مرت العشر دقائق عاودت الاتصال وذكرت للموظفة أن التاكسي لم يصل وأثناء المكالمة ظهرت لي سيارة التاكسي شكرت الموظفة وركبت التاكسي لاحظت أن السائق كان قلقا أنني عاودت الاتصال مرة أخرى بالشركة فسألني هل ذكرت لهم أنني وصلت قلت له نعم كان من الواضح أن الشركة ملتزمة جدا بمواعيدها مع الزبائن وأن السائق الذي لا يصل بالموعد المحدد قد يواجه متاعب لاحظت نفسي كزبون أني عزيز ومكرم داخل سيارة الأجرة .
وصلت إلى المنتجع كان الطريق أشبه ما يكون بالأفلام الرومانسية أغصان الاشجار الخضراء الملتفة حول بعضها البعض على جانبي الطريق تسمع زقزقة العصافير والشارع قد مردت جوانبه بتراب بني اللون وتساقط في وسطه أوراق الشجر اليابس كان منظرا ملهما ، وصلت إلى المنتجع وكانت الساعة تشير إلى السابعة كان المنتجع عبارة عن مجموعة من الأكواخ وكأنني أعيش في العصور القديمة تتقاطع فيما بينها بأرصفة جميلة الشكل أمام البحر الذي امتلأ شاطئه بصخور اندعكت جوانبها على مر الزمن فغدت بأشكال بيضاوية جميلة المنظر وقد تراصت وتناثرت فيما بينها حتى يخيل للناظر ان هناك من وضعها بقصد فسبحان الخالق ، دخلت للاستقبال وكان كوخا رصت جوانبه بأغصان الشجر وأعواد الخيزران،

كنت ببدلتي وبيدي حقيبتي أشاهد ما حولي طربا مستمتعا بالمناظر الطبيعية ، ( أهلا بك ) عبارة أطلقتها فتاة كانت تقف في الاستقبال كانت فتاة كندية عرفت فيما بعد أنها من السكان الأصليين الذي استوطنوا البلاد قبل الغزو الأوروبي لها أي أنها من الهنود الحمر ويطلق عليهم (Native) لاحظت شيئا عجيبا بها كان لها شعر طويل جدا يصل إلى الأرض حتى يخيل إلي أنها لو جلست لسحبت بشعرها تراب الأرض كانت تحتاج إلى كرسي مرتفع قليلا لتجلس عليه لم أستطع أن أخفي فضولي فسألتها عن شعرها فابتسمت وقالت إن ديننا يمنعنا من قص شعرنا منذ ولادتنا علمت منها أنه أحد أديان الهنود الحمر تساءلت في نفسي هل وصل الاسلام لهذه الديار إن أقرب نقطة مسلمة لهم كانت غرناطة سقطت عام 1492م وهو نفس العام الذي اكتشف فيه كولومبوس أمريكا،

أكملت إجراءات الإقامة في المنتجع الذي كان به برنامج تدريبي أحضره قالت لي وهي تكتب معلوماتي إنها المرة الأولى التي يأتينا شخص من الشرق الأوسط قلت لها مبتسما إذا عليكم أن تحتفلوا تعرفت على كلمة تاب (Tab ) حيث قالت لي كم تريد أن تضع في التاب قلت وما التاب قالت -أنه رصيدك تدفعه مقدما بحيث إذا أردت تسحب منه وأنت في البار فقط تعطي اسمك – ورغم أني لست من رواد البار لكني وافقت لأني وجدت أنهم يبيعون المشروبات الغازية والماء وربما أستخدمها كان كوخ الاستقبال مكون من منصة الاستقبال وصالة وبار ومطعم يطل جزء منه على البحر ومكتبة وصالة كبيرة ومطبخ وبهو استراحة إلا أنك تشعر أن داخل كوخ بسبب بنيانه الداخلي الذي يكسوه اللون البني ولون الاشجار للاسف لم أصور في هذه الرحلة بسبب سرقة كاميرتي الرقمية قبل الرحلة بأيام فقط عندما كنت في تايلند مع زوجتي لذا اكتفيت ببعض الصور من موقع المنتجع.

هنا حانت ساعة الغداء وتوجهت نحو المطعم كان الجميع يجلس مع أصدقائه وزملاءه كان هدفي أن من خلال أيامي القليلة أن أحتك بأهل البلد رغبة مني في تعلم ثقافتهم وطريقة تفكيرهم وأن أفهم عيشهم وقيمهم محاولا التغلب على انطوائيتي التي نشأت بها منذ الصغر عندما اقتربت من بوفيه الغداء فاجأتني رئيسة الطباخين التي عرفتني فورا وقالت لي أنت مسلم قلت لها نعم قالت دعني أريك الاطباق التي تحتوي على كحول ولحم خنزير لكي تتجنبها حسب طلبك (وكنت قد ارسلت لهم ذلك أثناء الحجز) ثم أشارت إلى طبق قائلة هذا الطعام بمرق الخمر ولكن دون كحول هنا حاولت أن أفهم منها كيف يكون خمرا دون كحول حيث إنها المرة ألأولى التي أسمع بهكذا عبارة ولا أدري من الناحية الشرعية كيف تكون ولكن تجنبتها احتياطا لديني.

شكرت رئيسة الطباخين على سلوكها وتناولت وجبة غدائي احتجت إلى مشروب غازي (بيبسي) تركت طبقي و توجهت إلى بار المطعم وجلست على المقعد الملاصق لمنصة البار وتخيلت نفسي أحد أفراد أحد الافلام الأمريكية طلبت من فتاة البار (بيبسي) قالت لي مبتسمة (الابتسامة دائما على وجوههم عندما يتكلمون) انت من الصغار اللذين يتعلمون هنا قلت وأي صغار عرفت فيما بعد أن هناك برامج للصغار والمراهقين وهناك برامج للكبار وبما أن سني صغير بالنسبة لها ظنتني من الصغار فقلت أنا من الكبار إذن ثم سألتني كيف عرفت بأمر المنتجع وانا من السعودية، كنت أفكر هل أكمل حواري معها لأن فكري مشغول بطبق الغداء الذي على الطاولة أنهيت وجبة غدائي واستعديت لأول برنامج تدريبي في المنتجع والذي لم أكن أعلم أني سأواجه أول برنامج تدريبي يعج بالبكاء والعويل كما سأعرف لاحقا.كيف هو وما هي الاحداث في الحلقة القادمة إن شاء الله.

بقلم اسامة الجامع

أيامي في كنــدا 1/4

المشهد الأول


كان خبرا موجعا بالنسبة لي عندما عرفت أن سفرتي لكندا تمتد لسبعة عشر ساعة كاملة ناهيك أنها ستتوقف في فرانكفورت في المانيا لمدة سبع ساعات تذكرت هنا حديث نبينا الكريم ان السفر قطعة من العذاب رغم وجود الطائرات ، وجهتي هذه المرة إلى غرب كندا وليس شرقها ولك ان تتخيل ولمعلوماتك ان السفر بالطائرة بين شرق كندا وغربها يستغرق خمس ساعات وتقع مدينة فانكوفر غرب كندا وهي مقصد كثير من السياح أهلها خليط من الاعراق لذا فهي الملاذ الأمثل للسياح والمهاجرين جوها جميل جدا خاصة الصيف ومناظرها آسرة ، عندما حططت لمطار فانكوفر في كندا لم يشفع لي وجود تأشيرة لدخول البلاد تأخرت في المطار أربع ساعات للتدقيق وقفت في مسار طويل ضم الدول الواجب التدقيق الصارم لزوارها من ضمنها السعودية للاسف عندما وصلت إلى الشباك قال لي الضابط اعتذر لك عن التأخير في إنهاء معاملاتك ولكنها الاجراءات الرسمية قلت له لا بأس أنا أتفهم الأمر فشكرني شرح لي الضابط بعدها أن سيسهل علي كثيرا لو كان سكني في فندق معروف بدلا من سكن الزائرين لمعهد البرامج التدريبية الذي أقصده ،
هنا صرخ أحد الواقفين وكان أمريكيا تم ضمه للمجموعة للتدقيق عليه قائلا : أين الحرية لماذا نعامل كمجرمين هنا ؟ فرد عليه الضابط أهلا بك في عالم ما بعد الحادي عشر من سبتمبر ارجوك ان تنتظر دورك ،
تذكرت تلك الايام الخوالي قبل هذا التاريخ عندما كان يعامل الجواز السعودي باحترام بالغ وكانت أبواب جميع الدول مفتوحة ولم نكن نعرف ما معنى التدقيق والتأخير والطابور والاشتباه كان جوازا أخضرا ذا قيمة عالية حول العالم حتى أصابتنا لعنة ذلك التاريخ.

لم يكن وصولي لمدينة فانكوفر نهائيا اذ ان مقصدي يتجاوز مكان هذه المدينة توجهت إلى الميناء لأخذ عبارة نحو جزيرة تسمى جزيرة فانكوفر عندما وصلت إليها لم تكن كذلك المقصد النهائي إذ كان علي أخذ عبارة أخرى إلى جزيرة أخرى صغيرة تسمى جزيرة جبرائيل وعيت هنا أنني أتوجه إلى مجاهل المحيط الاطلنطي أقصى غرب أمريكا الشمالية حيث لم يتوجه إي إنسان عربي مسلم في هذه البقعة من قبل حيث أنها جزيرة بعد جزيرة يسكنها خمسة آلاف نسمة فقط أحسست نفسي أني ابن بطوطة حيث لم أكن مقيدا بمجموعة سياحية أو مرشد سياحي كنت لوحدي مع حقيبتي في مكان لم أتصور أن أحدا وطأه سابقا من بني جلدتي كنت في مغامرة سياحية مجهولة النهاية ومليئة بالاحداث ، انتظرت عند الميناء بمقعد مجاور وكان بجانبي رجل عجوز يقرأ جريدة التفت إلي سائلا بكم اشتريت التذكرة فقلت له السعر فذهل قائلا( يا الهي انها المرة الرابعة التي يزيد سعرها ذلك بسبب اسعار النفط المرتفعة باستمرار) هممت هنا ان اقول له انني من البلد التي تبيع لكم النفط لكني احجمت بسبب العواقب علمت بعدها ان اهل كندا يظنونني أني من الهند أو المكسيك حيث السحنة قريبة والعرب في هذه المنطقة من النوادر .
جزيرة جبرائيل لا ادري لماذا سميت بهذا الاسم !! إلا أنها تشتهر بالمنتجعات السياحية وكنت أتوجه لأحدها ، بت تلك الليلة في ما يسمى بموتيل وهو اصغر من الفندق عبارة عن غرفة لو فتحت بابها للخارج فإنك ترى الشارع كانت المالكة عبارة امرأة من اسيا الشرقية على ما اعتقد ربما فيتنام فالكثير من الفيتناميين هاجروا إلى أمريكا الشمالية بعد الحرب الامريكية الفيتنامية كانت امرأة عجوز لطيفة طلبت مني جواز سفري لم تكن تعرف الانجليزية بشكل جيد واضح أنها من المهاجرين الجدد عندما صحوت الفجر صليت واعتقد عن نفسي جازما انها ركعتين من النادر ان توجدا في ارض الله هذه في جزيرة في غياهب المحيط الاطلنطلي لا ستعد بعدها لمقابلة المنتجع السياحي وأفراده في واحدة من أندر المقابلات بين عربي وكنديون حيث أني العربي الوحيد الذي زار هذا المنتجع منذ عشرات السنين فإلى الحلقة القادمة.

بقلم/ اسامة الجامع