الأحد، 4 سبتمبر 2011

تطور ثقافة الحوار في المجتمع السعودي

في فترة الثمانينيات لم يكن المجتمع السعودي يملك النضج الكافي في ثقافة الحوار فعلى مستوى الإعلام مثلا وفي الوقت التي كانت القنوات الغربية تعرض برامج حوارية مثل (لاري كينج) و (اوبرا) و (كروس فاير) و (د.فيل) الذي هو عبارة عن جمهور ومناقشة واستضافات وتعبير عن الرأي كان من النادر جدا في القنوات السعودية عرض برنامج حواري حي على الهواء مباشرة وكان غالب البرامج التلفزيونية هي عبارة مواد مسجلة مسبقا يتم معالجتها عند اللزوم ولم يصل للشعب السعودي إلا قناتين فقط الأولى والثانية وكان الأوفر حظا والأكثر اطلاعا هم المنطقة الشرقية حيث تظهر لديهم القنوات الخليجية نوعا ما ، وبالجملة كانت ثقافة الحوار ضحلة ولم يعتد المجتمع السعودي على برامج حوارية هادفة وشفافة بل كانت معظم تلك البرامج مسجلة ورتيبة وتفتقد إلى الاحتراف إلى جانب أن بعضها موجهة سياسيا وتجاريا نحو خدمة أهداف محددة سلفا وبعضها لم تكن له أهداف أو أجندة مرتبة .
ثورة اللاقطات الفضائية
بعد حرب الخليج الثانية وبالتحديد ما بعد عام 1992م ظهرت الأطباق الفضائية وغدت البيوت مليئة بها بأحجام مختلفة وغزت البيوت ألوانا من القنوات الفضائية المختلفة وكانت حقبة هاجمتها المؤسسة الدينية وصدرت الفتاوى بمقاطعتها واتهام من يملكها وكسر بعض الغيورين الشباب لاقطات أسطح المنازل، إلا أن الشعب فيما بعد تفاجأ بنمط حواري لم يعتد عليه وتفتقت آفاق حوارية جديدة وظهر عدم النضج للمشاركين السعوديين بشكل واضح وجلي إذ كان المقدم يفتح باب النقاش للجمهور فيبدأ الهجوم والسب والشتم أما إذا كانت المقدمة امرأة وفتحت باب الحوار للجمهور فتجد المتصل يترك الموضوع ويتغزل بالمقدمة وظهرت حوادث مضحكة من هذا القبيل .
لكن بعد فترة ومع نهاية فترة التسعينيات وبداية الألفية اختفت تلك المظاهر بشكل واضح وغدا جيل جديد من الشباب أكثر نضجا وفكرا وعقلا ومعلوماتية شارك بالحوارات الثقافية المختلفة في قنوات الجزيرة وأوربت والعربية والشرق الأوسط(MBC) وظهرت الحاجة لوجود مقدمين سعوديين لديهم ثقافة الحوار الراقية ولا زالت الساحة خالية حتى الآن سوى ما قدمته قناة الاخبارية والمجد من نماذج ترتقي وتتحدى إلا أنه لا زالت القنوات الفضائية لا تثق بالمحاور الخليجي بشكل عام حتى الآن رغم أن بعض هذه القنوات يملكها سعوديون .
المدارس والتعليم
كانت السمة الغالبة للبيئة المدرسية في فترة الثمانينيات هي علاقة الاحترام المتبادل بين الطالب والمعلم لكن من طرف واحد . إذ كان المعلم يعامل الطالب بالتهديد والعصا وما يسمى (الفلكة) والضرب ولا يعرف الطالب في ذلك الوقت كيف يتحاور مع المقابل سوى ما توفره بعض العادات القبلية من ثقافة عقيمة ومغلقة في طريقة الحوار مع البالغين .إلا أنه وبعد ظهور القنوات الفضائية منع الضرب من المدارس على أمل استبداله بالحوار الناضج بين المعلم والتلميذ ، إلا أنه وكما هو الحال في أي نظام جديد يطبق على بيئة اعتادت على النظام القديم ظهرت هناك مقاومة وصدع واستغلال من قبل الطرفين المعلم والطالب فأما المعلمين فالبعض منهم لم يأبه بقرارات إدارة التعليم وحصلت حوادث وشدت إدارة التعليم على المعلمين إلى درجة أن أفقدت المعلمين هيبتهم في مرحلة من المراحل واستغل الطلبة هذا التوجه الجديد وبطريقة غير ناضجة استغلوا تلك التعليمات بمزيد من العمليات الانتقامية من المعلمين ولا يزال الميزان لم يستقر بعد بين الطرفين .
لكن بعض القنوات الفضائية بادرت باستضافة الطلبة وفتح افاق للحوار معهم وعملت بعض القنوات كقناة المجد مسابقات في المقدم المرتقب وطريقة التقديم كمهنة وقدمت هذه المسابقات للطلبة .وظهرت قنوات تحمل برامج حوارية للمراهقين فقط والصغار وكانت ناجحة حيث تستقبل المتصلين من صغار الجمهور وتطرح عليهم قضايا للنقاش وأخص بالذكر قناة الجزيرة للأطفال و mbc3.
وعلى مستوى القيادة السياسية نضجت العملية الحوارية بشكل كبير جدا وتقبلت القيادة السياسية النقد وظهر مشروع الملك عبد الله للحوار الوطني وسمح لكثير من المسلسلات التلفزيونية أو المقالات بالنقد البناء وصاحب تلك الحوارات الكثير من الشفافية ولا تزال عملية الإنضاج مستمرة حتى الآن حيث أنها تحتاج مزيدا من الوقت .

بقلم /اسامة الجامع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق