الأحد، 4 سبتمبر 2011

عندما يرقص الدماغ

)الناس كإبل مائة لا تكاد تجد فيهم راحلة )

عندما أقرأ هذا الحديث وأخرج للناس أتفكر في عقول الناس ومستوياتها كيف تفكر وإلى أي مدى ترتقي أو تتدنى وإلى أي مدى تصل فوجدت أن الناس في تفكيرها تجاهك وحديثك معهم ينقسمون فمن الناس من إذا فكر في المسألة أو الفكرة وناقشها معك فإنه لا يتجاوز في حديثه معك لدائرة أسميها دائرة (العلم بالشيء) فهو يتكلم عن الفكرة وعن وجودها أو عدمها لا أكثر .ولو بحثت أكثر وخالطت الناس حولك ستجد من الناس من يتجاوز الدائرة الأولى ليدخل في الدائرة الثانية والتي أطلق عليها دائرة(الفهم) فهو يتعامل مع الفكرة بأبعادها المختلفة ويفهمها لنفسه ويتصرف بناء على هذا الفهم غلا أنه لا يتجاوز هذه الدائرة كذلك .
ولو بحثت وخالطت الناس فستقع على أناس يتجاوزن في نقاشهم معك الدائرة الثانية نحو الدائرة الثالثة والتي أطلق عليها (التحليل) فيبدا بعدما علم بالمشكلة أو الفكرة بفهمها ومن ثم تحليلها فيعطيك تحليلا يجتهد فيه من يملك هذا النوع من التفكير ربما تستمتع بالحديث معه إلا نه يقف عند هذا المستوى من التفكير كذلك.ربما ستواصل إبحارك مع الناس محاولا استكشافهم حتى تصل لأناس يتمتعون في حديثهم بعد الدائرة الثالثة بالدائرة الرابعة وهي (التقييم) فلديه قدرة رائعة على تقييم المشكلة والفكرة مسهبا بتفصيلاتها واركانها وجزئياتها وهذا النوع أستمتع شخصيا بالحديث معه إلا أنه لا يتجاوز حدوده.
وإذا وفقك الله وصبرت على مخالطة الناس فلعل الله يوفقك لأن تجد أصحاب الدائرة الخامسة وهي (التطبيق) وهؤلاء هم الذين يشاركون من قبلهم بالأفكار إلا أن لديهم القدرة على جعل هذه الأفكار واقعا حقيقيا ملموسا فالفرق بين الناجح وغيره ليس لأن الناجح وجد الفكرة بل لأن الناجح طبق الفكرة التي فكر بها المئات طبقها على واقعه الذي يعيشه وذلك من لم يفعله الكثيرون.
وإذا بارك الله في عمرك وأمد في أثرك لربما وصلت للنوادر من الناس وهم أصحاب الدائرة السادسة وهم (المبدعون) الذين يستطيعون ربط أفكار بأفكار أو دمج أفكار بأفكار أو فصل أفكار عن أفكار فهم يأخذون الفكرة أو المسألة فيلعبون بها كما يلعب الطفل بمادة الصلصال يشكلها كيف يشاء فإذا ناقشته قد تضيع معه أثناء النقاش أو تصفه بالجنون أو تسخر منه ومن تفكيره ومن هؤلاء يولد العظماء.فجاء أخواني عند النقاش في هذا المنتدى المبارك حاولوا أن تصعد أفكارنا أكثر بكثير من مجرد الدائرة الأولى فهل نحن فاعلين.

بقلم اسامة الجامع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق